رسالة مفتوحة إلى الرئيس السوري
يا بشار
مطالب الشعب السوري الكبرى
لا تحتاج إلى حوار . . بل تحتاج إلى سرعة وتسرُّع
6/5/2011م
لا نحتاج إلى حوار:
إن مطالب الشعب السوري كلها، لا تحتاج إلى وقت لتنفيذها، فكما استطاع مجلس الشعب أن يغير الدستور ـ بسرعة، وبتسرع، خلال ربع ساعة ـ ليجعلك يا بشار رئيساً دستورياً لسورية، فكذلك يمكن للرئيس وللحكومة أن يغيروا الدستور، ويصدروا من القرارات خلال يوم واحد ما يريده الشعب ويرتضيه.
ثم يبدأ التنفيذ مباشرة، وتجري ورشات العمل اللازمة لتنظيم هذه الأمور وتنفيذه بالتعاون مع ممثلين عن الشعب يرتضيهم الجمهور، بل قد لا تحتاج إلى ممثلين، لأن المطالب من الوضوح ما يمكن معها التنفيذ دون الرجوع إلى الشعب نفسه، ولا يخفى عليكم منها شيء، لأنها حقوق إنسانية عامة، يعلمها كل إنسان، فضلاً عن المسؤولين والرؤساء، وأنتم من ضيع هذه الحقوق، فردوها لأصحابها.
إن الشعب قد فقد الثقة بكم، فهو يريد أن تنفذوا مطالبه بأنفسكم، من غير أن تستدعوه للمشاركة، وقد تعود منكم الكذب، فإذا بكم تدعونه إلى السجون والتحقيق والتعذيب، تعرضونه للتهديد، أو تزجوا به في السجون والعذاب، أو توردوه القتل والغياب.
لا نريد قانون طوارئ ولا قانون إرهاب:
الشعب السوري كأي شعب من الشعوب يحب وطنه، ولا يعمل ضد مصالح نفسه، فوَضْعُ قانون للإرهاب هو اتهام للشعب بالإرهاب، واستعداد لمحاربته وقمعه باسم الإرهاب، كما تفعل كثير من الدول ليس عندها قانون طوارئ وعندها قانون إرهاب، فأيُّ مظاهرة سلمية تنادي بحقوق الشعب؛ تقمعها وتتهم أصحابها بأنهم مثيرون للفتنة ومتعاطون للإرهاب.
وأنتم تدَّعون أنكم في حلف معارض لأمريكا، وقانون الإرهاب مشروع أمريكي، فيجب أن لا تقبلوا به.
الشعب السوري والحكومة السورية يعلمون أن الإرهابيين ـ بالنظر الأمريكي ـ لم يقتلوا ثلاثمئة مواطن سوري ـ خلال ثلاثين سنة، بينما حكومتكم الإرهابية قتلت في أيامٍ أكثرَ من هذا العدد بكثير، فمن الإرهابي؟ ومن الذي يستحق قانون الإرهاب؟
القانون العادي العادل يكفي ليحكمنا ويحكمكم، وإلا . . فإن قانون الإرهاب يجب أن ينفذ على الرؤساء والمسؤولين والضباط قبل غيرهم !
ثقافة جديدة: مَنْ يخدمُ مَنْ ؟
الشعب السوري ـ كسائر الشعوب العربية ـ يريد ثقافة جديدة، تسود البلاد، وتُوَجِّه حركة الحكام والمسؤولين والأمن والجيش والنظام بكامله، هذه الثقافة: أن النظام بأطرافه وفئاته ومؤسساته وأفراده هو لخدمة الشعب ومصالح الشعب، فيجب أن يتواضع للشعب ويسارع في تحقيق مطالبه، لا أن يتكبر عليه ويستبد بالرأي دونه، ولا يؤخر مطالبه وحاجاته، ولا يستغلها لرشوة أو غيرها، ولا يقمعه ويهدده ويظلمه ويؤذيه ويعذبه ويفنيه.
إن الشعب فَقَدَ الثقة بحكم استمر عقوداً، فيحتاج منكم إلى إشاعة هذه الثقافة الجديدة، والإلزام بها، مباشرة بغير تأخر، بسرعة وتسرع، بحيث يكون من حَقِّ شاهدَين عَدْلَين من الشعب أن يرفعوا قضية على أكبر موظف ومسؤول وضابط؛ بأنه استعمل وظيفته خلاف مصلحة الشعب والمواطنين.
أمن المواطن لا أمن جلاده:
إن أجهزة الأمن والمخابرات والجيش؛ ما كانت في بلد من البلاد، ولا دَفَعَتْ إليها الأمهاتُ فلذاتِ أكبادها إلا لتكون خدمة للأمهات والآباء والأبناء والشعوب والبلاد بكاملها، ولتكون حماية من أعداء المجتمع والبلاد.
لقد بات يعلم الجميع أن هذه الأجهزة في بلدنا سورية لتحرس مصالحها الشخصية ومصالح فئة غاشمة ظالمة سراقة، فتخيف المواطن وتبقيه في رعب على أعصابه منذ الصغر حتى الموت، وتحذره من أي حرية وأي اعتراض على الظلم والكبت، وتقمعه عند أي حراك يسعى فيه لمصلحته أو لمصلحة الشعب كافة، وقد يكون مصيره سنوات من العذاب الرهيب أو السجن الكئيب أو الموت.
فهذه الأجهزة بتركيبتها وثقافتها الحالية؛ هي أعظم خطر على المواطن والشعب، وهي أعظم أسباب ثورة المواطن، ليطلب الحرية وينادي بالتغيير والإصلاح.
فلا قيمة للإصلاح والتغيير ما لم تُحَلَّ هذه الأنظمة، ويعاد بناؤها من الشرفاء الأمناء والمخلصين للشعب، وبقوانين جديدة تحفظ حق المواطنين وأمنهم.
فأول واجباتك يا بشار إن كنت صادقاً في التغيير والإصلاح أن تبدأ بهذا التغيير فوراً.
صدق وإعلام صادق حر:
الناس تحب الصدق فطرةً، وتعلم أن الكذب لا تقوم معه حضارة، إذ أي ثقة وأي تعاون سيقوم على تزوير الحقائق، فالحكومات القائمة على الكذب على شعوبها؛ لن تَستطيعَ أن تَعلَمَ ما في القلوب، لأن الناس لا يثقون بها، فيُخْفُون ما في قلوبهم وأفكارهم، خوفاً من القمع والأذى، ويتظاهرون بالحب والولاء والتناصر، حتى إذا جاءت الفرصة المناسِبة ظهرت حقائق الأمور وظهرت خبايا القلوب، فيحصل الانفجار والثورة، كالذي نراه في دولنا العربية كلها، فكلها أو أكثرها تحكمها حكومات كاذبة مُزَوِّرَة للحقائق، والناس في تعب وضيق واستياء.
كفى أن تشغلوا الناس بعبادة الحكام ومدح الحكام والتغني بالحكام والتصفيق للحكام والدفاع عن الحكام، امنعوا هذه الترهات والتمثيليات بالقانون، نريد شعباً يدلنا على المطلوب ويتعاون على تحقيق المصالح، لا وقت لديه للمديح والتعظيم، وحسن الأعمال يعظم أصحابها من غير مدح.
وحتى نكون شعباً وحكومة صادقِين؛ لا بد أن يعطى لكل فرد حرية الكلام والتعبير عن آرائه، ولا يعاقب لمجرد آرائه الفكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو غيرها.
ولا بد من رفع الهيمنة على الإعلام، وفتح المجال لكل إعلامي، ولكل من يريد نقل الحقيقة أن ينقلها كما هي.
لماذا تخافون من الإعلام العالمي والقنواتِ الشرقية والغربية والعربية، لو كنتم صادقين لما خفت من نقل الحقيقة وتصويرها ونقل الأحداث ومتابعة الأخبار، تدَّعون أنهم يكذبون عليكم، وأنتم لم تفسحوا لهم المجال أن يَصدُقوا معكم، وقد علم العالم كله كذبكم وخداعكم وتزويركم على شعوبكم وتزويركم الحقائق على العالم كله.
أحزاب فاعلة خادمة، لا مخدومة، وأحزاب لا حزب واحد:
حينما تطلب خدمة من جهة وهناك مَنْ ينافسها؛ تسعى كل جهة أن تقدم ما هو أجود وأحسن وأفضل وأكثر إتقاناً . . وحينما يوجد في الدولة أكثر من حزب أو فكر أو اتجاه؛ يحاول كل واحد منهم أن يقدم ما هو أحسن، وإذا لم يوجد إلا حزب واحد أو جهة واحدة؛ فإنها لا تبالي لأنها قد احتكرت كل شيء، فتسير الأمور من سيء إلى أسوأ، وخاصة إذا كان هذا الحزب يملك القوة، وقد اعتاد الاستبداد والظلم وأكل الحقوق وقهر الشعوب وسلب الخيرات، حتى وصلت إلى حالنا المأساوي.
الشعب يا بشار . . يريد أن يكون المجتمع والشعب بفئاته وأفراده وقدراته الفكرية والعملية وطاقاته المختلفة، يتنافس ويتدافع نحو الأفضل.
فالشعب يريد ـ يا بشار ـ أن تَحُلَّ الحزب الواحد بقرار واحد، بتسرع وسرعة، أن تحل الحزب الذي عانى منه الناس، وأن تفتح الباب للأحزاب، لا ليأتي حزب واحد منها يحكم، بل ليُقَدِّم كل حزب أفضل ما عنده في خدمة الشعب ومصلحتِه.
فتكون الأحزاب عبارة عن أفكار وطاقات ومؤسسات وإبداعات وخدمات، كل منها يقدم ما عنده، ويتقدم على غيره بقدر صفاءِ أفكاره، وجودةِ أدائه، ووفرة أمانته، وكثرةِ خدمات، وقوةِ قدراته وإنجازاته، وامتلاكِه للطاقات العلمية والعملية، ليكون الشعب بأطيافه ميداناً للتنافس في مصلحة الشعب.
انتخاباتٌ نزيهةٌ، وشعبٌ يختارُ نوابَه ورئيسَه، ونوابٌ يختارون حكومتهم:
لقد اعترفتم أيها الرئيس أنتم وحكومتكم وإعلامكم بوجود الفساد واستشرائه؛ حينما قلتم: إنه لا بد من الإصلاح والتغيير والحوار.
وهذا أول نصر للمتظاهرين الثائرين على الظلم والاستبداد والفساد.
وحكومةٌ ونوابٌ وضباطٌ كان الفسادُ مرافقاً لهم؛ لا بد من تغييرهم، فأي تغيير لا يتناول هؤلاء فهو كذب ولَفٌّ ودوران وخداع.
فنحتاج منك يا بشار إلى قرارٍ شجاع ـ إن كنت شجاعاً وصادقاً في التغيير ـ قرارٍ واحد، سريع متسرع، في ساعة واحدة، قرارٍ تعلنون فيه عن انتخابات نزيهة حرة، بمعايير سليمة، منها العلم والأمانة والكفاءة والتخصص، ويكون موعدها قريباً جداً، لا يستغرق أكثر من مدة الإعداد والتنظيم لهذه الانتخابات، لانتخابِ نواب يمثلون الأمة والشعب، على اختلاف أطيافها، يختارهم الشعب من غير تدخل من الحكومة أو الأمن أو النظام القديم، ليكونوا نواب مرحلة انتقالية.
ويُوكَلُ إليهم اختيار الحكومة، من غير تدخل من الرئيس أو المسؤولين الكبار أو الأمن، ليتحمل النواب مسؤولية أعمال هذه الحكومة، ويتولوا محاسبتها بجد وصدق، وليكون النواب محاسبون أمام الشعب عن أداء الحكومة ومحاسبتها.
ويُوْكَلُ إلى هؤلاء النواب تعديلُ الدستور ليتوافق مع مصالح الشعب ومطالبه وحرياته.
ثم تعلن أيها الرئيس بعدَها أو معها عن خطوة أخرى صادقة وجريئة وشجاعة، عن انتخابات حرة نزيهة لاختيار رئيس مؤقت، يختاره الشعب بحرية.
فأنت تعلم ـ يا بشار ـ أنك لم يتم اختيارك برضى الشعب، وإنما بالكذب والتزوير والقمع والإرهاب، فأنت لا تُعْتَبَرُ قانونياً ولا دستورياً ولا عُرفِياً ولا شعبياً؛ لا تعتبر رئيساً بحق.
ولا بد أن يكون الرئيس الجديد والحكومة الجديدة والنواب الجدد، جميعاً مؤقتون، لأن الشعب لا يمكن أن يقدم جميع ما عنده من الطاقات والأفكار والخدمات؛ وما زالت آثار المرحلة السابقة تخيفهم وتلاحقهم، فلا بد من مرحلة تعطي الاطمئنان لتمهد لمرحلة قادمة.
هذه هي الخطوة الأولى:
فإذا تحققت هذه الخطوات الأهم، فللشعوب مطالب أخرى كثيرة.
وليس من حق الرئيس ولا غيره أن يقول: إِنْ فَعلْنا كذا؛ لم يعد لأحق حقٌّ في التظاهر، فالشعب هو الذي يقرر ما الذي يتظاهر لأجله، وليس أنت، فهو حقه، وليس من حقك قمع حقه، وإسكات صوته.
ومن مطالب الشعب الملحة التي تحتاج إلى سرعة وتسرع، حتى يرضى الشعب ويثق بكم:
1. إحياء الموتى الشهداء الذين قُتلوا ظلماً لاعتقاداتهم أو آرائهم الفكرية أو السياسية، عبر الفترة الفاسدة الماضية، أما وأنتم عاجزون عن إحياء الموتى؛ فمن حقنا أن نطالب بمحاسبة المتسببين بذلك، وتعويض أهالي المقتولين.
2. إخراج المساجين، دون الذين يقر الشعب بأنهم يستحقون السجن.
3. تعويض المتضررين من النظام الفاسد المستبد الأمني السابق.
4. السماح بعودة المهاجرين بسبب ظلم النظام الحاكم أو خوفاً منه؛ وعدم إيذائهم ومساءلتهم، وفسح المجال أمامهم ليمارسوا أعمالهم وحقوقهم مع الشعب سواءاً بسواء.
5. الكشف عن موارد الدولة الحقيقية، وخاصة النفط، وردها لمصلحة الشعب، ومحاسبة الذين سرقوها في الفترة الماضية، ورد ما استطعنا من ذلك إلى الشعب والدولة.
6. فصل السلطات وخاصة القضاء.
7. الاهتمام بالتعليم والاقتصاد، ليصير البلد موطناً للأبحاث العلمية والتطوير العلمي والنمو الاقتصادي، بما يجعل من سورية بلداً اقتصادياً قوياً ينافس الدول العظمى، وقادراً على حماية شعبه وأمته، وردع أعدائه.
8. ضمان الحرية الدينية، وعدم التدخل في المرجعيات الفكرية والدينية أو الضغط عليها.
9. إلغاء نظام الحكم العسكري وتسلط الأجهزة الأمنية، وتحويلها إلى حارسة للشعب، لا خانقة له.